تعالى معي يا صديقي التقني إلى رحلة عبر الزمن. لكن ليس للخلف إنما للأمام لمواجهة مشكلة ستواجه شركات صناعة الهاردوير بلا محالة بعد الوصول لدقة تصنيع 4 أنجستروم.
ماذا بعد دقة تصنيع 4 أنجستروم؟
تتفاخر شركات صناعة الشرائح، والمعالجات بدقات التصنيع الصغيرة مثل ٤ نانومتر و٥ نانومتر، حيث أن النانومتر هو جزء واحد من مليار جزء من السنتيمتر. وها نحن نقترب من نهاية حقبة النانو، ونبدأ في بداية حقبة الأنجستروم، وستقدر شركات صناعة الشرائح على الوصول إلى دقة ٤ أنجستروم -الأنجستروم هو جزء واحد من ١٠ مليار جزء من السنتيمتر- بأريحية إذا لم يحدث أي مشاكل أخرى مثل أن تقوم ذرات السيليكون بفقد الإشارة المرسلة إليها، ثم ستبدأ المشاكل الحقيقية؛ هذه المشاكل ستكون بسبب أبعاد ذرة السيليكون حيث أن نصف قطر ذرة السيليكون بيساوي (١.١٧٦ أنجستروم)، وطول الرابطة التساهمية بين ذرتي السيليكون (١.١١ أنجستروم)، وبحساب البعد بين ذرتي سيليكون من المركز إلى المركز ستجدها تساوي ( ١.١٧٦*٢+١.١١ ) = ٣.٤٦٢ أنجستروم.
لكن لماذا قلت بداية من ٤ أنجستروم ستبدأ حدوث المشاكل؟
في الواقع يا صديقي أن الشرائح، والمعالجات لا تتكون من ذرات السيليكون أو أشباه الموصلات فقط. حيث أنه يتواجد أيضاً معها ذرات فلزين أخرين يسميا (بالمطعمات Dopers)، ويكون أحدهم ثلاثي التكافؤ، والأخر خماسي التكافؤ. هذا الكيان المكون من ثلاث ذرات يسمى بالترانزيستور.
لكل ذرة من ذرات التطعيم أبعاد خاصة بها، و طول رابطة خاصة بها.
للتطعيم الخماسي يتم استخدام مادة (الفوسفور P). حيث أن ذرة الفسفور تحتوي على خمسة إلكترونات خارجية، ويكون نصف قطر ذرة الفسفور يساوي (١.٠٧ أنجستروم).
للتطعيم الثلاثي نستخدم مادة (البورون B). حيث أن ذرة البورون تحتوي على ثلاثة إلكترونات خارجية، ويكون نصف قطر ذرة البورون (٠.٩ أنجستروم).
لكن لماذا أقوم بشرح لك كل هذا؟
أقوم بشرحي هذا لأمهد لك المستقبل. وهذا لتكون على دراية أننا عند وصولنا لدقة التصنيع (٤ أنجستروم) ستتجه الشركات المنتجة للشرائح لزيادة سحب الطاقة لشرائحها وهذا ظهر لنا في الوقت الحالي، لكنه أدى إلى انبعاث حراري كبير ولم يكن هناك تكافؤ لنسبة سحب الطاقة إلى الأداء.
لكن ماذا سيفعل مصنع الشرائح عند الوصول لدقة تصنيع 4 أنجستروم؟
- سيتجه المصنعين قدر الإمكان إلى زيادة عدد أنوية المعالجة قدر الإمكان داخل الشريحة الواحدة.
- زيادة تردد الشريحة.
- زيادة سحب الطاقة.
- تغيير المعمارية كل جيل.
- زيادة مساحة الشريحة كل جيل كي يستطيعوا وضع أشباه موصلات أكثر كل جيل داخل الشريحة.
كل هذا سيؤدي لنتائج سلبية حيث:
- سيزداد الانبعاث الحراري.
- تحديث المعمارية لن يكون فعال بهذا القدر، وتغييرها لكل جيل لكي يكون هناك فارق في الأداء.
عند الوصول لهذه النقطة لن يكون هناك فارق كبير في الأداء بين الشرائح من جيل إلى أخر، وسيتجه مصنعي الشرائح للاهتمام بالتبريد، لربما نرى شرائح بمعماريات مختلفة قادرة على معالجة البيانات بطرق أخرى عن التي نعرفها الان أو قد نرى طرق أخرى لبرمجة الشرائح تجعلها أكثر كفائة. ربما سنرى الشركات تقوم بوضع أكثر من معالج -مرة أخرى- على القطعة الواحدة لزيادة الأداء أو قد نرى مواد جديدة داخل الشرائح الإلكترونية لها كفاءة أعلى من المستخدمة حاليا.
في النهاية يا صديقي كل هذه توقعات شخصية ربما نراها في المستقبل، أو قد نرى شيئاً جديد يغير من مفهومنا لمعالجة البيانات هي مجرد مسألة وقت لنرى ماذا سيحدث حينها فربما قد تتذكر هذه المقالة السابق عصرها.
المصادر :
Facebook Comments